‏إظهار الرسائل ذات التسميات خربشات. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات خربشات. إظهار كافة الرسائل

الأحد، 2 مايو 2021

الجميع ملائكة

 


دمشق 2019

منذ قليل مررت من أمام أحد المطاعم هنا في العاصمة دمشق... على باب ذلك المطعم استطعت تمييز تلك الفتاة متوسطة الطول وممتلئة الجسد... قوقازية البشرة وحمراء الشعر... نعم إنها العاهرة التي تصطاد زبائنها من الشارع.. وهي ذات العاهرة التي عرضت عليّ جسدها منذ عدة أسابيع... على أحد نوافذ المطعم يطل ضابط في الجيش على كتفه عدة نجوم ونسر وأمامه شخص يرتدي بدلة رسمية...  واضح من المرافقة المحيطة بالطاولة انه رجل أعمال مهم جداً... أخرج حقيبة كبيرة وفتحها امام الضابط... استطعت رؤية العملة الخضراء... يا إلهي أنه مبلغ ضخم جداً... أستطيع أن اشتري به كل الكتب والروايات الموجودة على كوكب الأرض وعلى الكواكب المجاورة... انتقلت عيني من تلك الصفقة المشبوهة إلى شابان يتحرشان بفتاة تجلس على طاولة مجاورة لهما... أعلم أنني لا أستطيع السمع ولكن كما أرى كلما تكلما وضحكا الشابان تغضب الفتاة وهذا واضح على محياها..

دخلت للتو أم ثلاثينية برفقة ولديها... الصبي في السابعة من عمره على ما أعتقد والفتاة تكبره قليلاً... سمعتهم يقولون إنهم متحمسين جداً لتناول "الفروج البروستد" يبدو أنهم انتظروا كثيراَ حتى سمحت لهم الحياة بتناول "الفروج البروستد"...

توقفت فجأة عدة سيارات سوداء وترجل منها كتيبة أو فرقة كاملة من المسلحين.. توزعوا بأمر أعلاهم رتبة ليشكلوا ممر أمام باب المطعم.. فتحت أبواب إحدى السيارات وهي من طراز "جي إم سي" ترجل منها شخصان يبدو انهما مسؤولان كبيران في البلد لدرجة انني لم أستطع التحديق إليهما طويلاً بسبب الممر الأمني الذي تشكل تواً...

تابعت سيري... نظرت إلى آخر نوافذ المطعم وابتسمت حين رأيت زوج يضع أذنه على بطن زوجته ويحاول محادثة الجنين... تلاشت ابتسامتي قليلاً وأنا أبتعد عن المطعم متوجهاً نحو منزلي... مشيت تلك الطريق المؤدية إلى منزلي وأنا أراقب جميع من في الشارع... دخلت إلى منزلي... وأنا أغلق الباب سمعت دوي انفجار ضخم... أنه تفجير كالعادة ولكنه قريب... يا إلهي ضحايا جدد... هرعت إلى التلفاز لأرى الأخبار العاجلة... ما هي إلا دقائق حتى انسدل شريط احمر في عرض الشاشة ينقل خبر انفجار سيارة مفخخة أمام المطعم الذي مررت به منذ قليل...

أصبح كل من كان هناك ملائكة.. شهداء... أبطال... بلحظة واحدة أصبح للخيّر والشرير مصير واحد... مصير الشهداء...